
تقرير: كور
رسم التعثر في إرسال جداول الموازنة مشهدا ضبابيا للاقتصاد العراقي، مهددا بتوقف المشاريع في عموم البلاد، وفيما تحدث نواب عن تداعيات تأخر إرسال هذه الجداول على البلاد، يربط آخرون من محاور عدة بين إرسال هذه الجداول وعلاقة جدلية بالانتخابات النيابية المقررة هذا العام، فبينما يقول البعض إن الحكومة تخشى إطلاقها كي لا تستغل في الدعاية الانتخابية، يعلل البعض الآخر عدم إرسالها بـ”الخروقات التي تحتويها” وهو ما يقلل من شعبية الحكومة مع قرب عملية الاقتراع.
ورغم مرور أكثر من أربعة أشهر على بدء العام المالي، لم تُرسل الحكومة العراقية جداول موازنة 2025 إلى مجلس النواب، وهو ما أثار جدلاً سياسيا واقتصاديا واسعا.
وكان عضو اللجنة المالية النيابية جمال كوجر أبدى استعداد البرلمان لإقرار الموازنة في حال وصلت الجداول إلى مجلس النواب، إلا أن لم يرجح أن تصل مطلقا، محددا ثلاثة أسباب.
يرى كوجر أن السبب الأول يكمن في “قرب انتخابات مجلس النواب، فالحكومة لا تريد تمرير الموازنة حتى لا يتم استغلال الأموال بالدعاية الانتخابية، ولهذا لا نتوقع إرسال الجداول، وستقوم الحكومة بصرف الرواتب فقط خلال الأشهر المقبلة”، بحسب قوله.
بينما يحدد الأسباب الأخرى بـ”عدم وجود السيولة النقدية لتنفيذ المشاريع الجديدة وغيرها، والثاني هو عدم صرف الحكومة التخصيصات المالية لسنة 2023 بشكل كامل وكذلك سنة 2024، وهذا أيضا سببه عدم توفر السيولة”.
وكانت مصادر حكومية قد برّرت التأخير بوجود عجز في الإيرادات بسبب انخفاض أسعار النفط.
عزوف انتخابي
من جهتها، قالت النائب السابق منار عبد المطلب، في تعليق على تأخر الجداول، إن “جميع المحافظات لم تتسلم أي تخصيصات مالية من الحكومة المركزية بسبب عدم حسم جداول موازنة 2025، رغم وجود عدد كبير من المشاريع الخدمية المتوقفة بانتظار التمويل، فضلاً عن استحقاقات مالية أخرى لم تُطلق بعد”.
وأضافت أن “عدم وصول جداول الموازنة من مجلس الوزراء حتى الآن يثير الكثير من علامات الاستفهام، خاصة مع الحديث عن احتمالية عدم تقديمها بذريعة الخوف من استغلالها انتخابياً من قبل بعض القوى في المحافظات”.
وأكدت عبد المطلب أن “هذا التأخير ستكون له ارتدادات قاسية على نسب المشاركة في انتخابات 11 تشرين الثاني 2025، وقد يؤدي إلى عزوف انتخابي قد يصل إلى 50%، نتيجة تراجع ثقة المواطنين بجدوى العملية الانتخابية، في ظل غياب المشاريع الخدمية التي تمسّ حياة الناس بشكل مباشر”.
يذكر أن المستشار المالي والاقتصادي لرئيس الوزراء، مظهر محمد صالح، أرجع سبب تأخير إرسال جداول موازنة 2025 لمجلس النواب حتى الآن، إلى “تعديلات تخص تكاليف استخراج ونقل نفط إقليم كردستان، مما تطلب إعادة سُبل الاحتساب”.
إلى ذلك، حذر النائب رائد المالكي من تداعيات تأخر إرسال جداول الموازنة وعدم تعديل المادة (14) من قانون الموازنة العامة، مؤكداً أن هذا التأخير سيؤدي إلى إرباك مالي حقيقي يطال موظفي عقود الأمن الغذائي.
وقال المالكي في بيان تلقته “كور”، إن “الاستمرار بهذا التأخير دون معالجة واضحة سيخلق مشكلة كبيرة لفئة واسعة من الموظفين”، داعياً الحكومة ووزارة المالية إلى التحرك العاجل لتدارك الوضع قبل تفاقمه.
وأضاف: “نحمّل الحكومة المسؤولية الكاملة عن حالة الفوضى المالية التي قد تنجم عن تأخير إرسال الجداول، وندعوها إلى اتخاذ خطوات سريعة لضمان الاستقرار المالي والإداري لموظفي العقود”.
خروقات
من جهة أخرى، يعتقد الخبير الاقتصادي همام الشماع، أن “جداول الموازنة لن تقدم إلى البرلمان إلا بشكل متأخر، لأن العام 2025 هو عام انتخابات، وهذه الجداول ستظهر حجم الإنفاق الذي تصر الحكومة على عدم إظهاره بسبب الخروق”.
ويضيف الشماع، أن “الحكومة قد تبرر تأخير الجداول بأنها تدرس إمكانية إعداد موازنة تقشفية بسبب انخفاض أسعار النفط واحتمالات الركود العالمي، لكن ذلك لا يبرر كل هذا التأخير، فالمبرر الرئيسي لعدم تحويلها هو الحرص على عدم إظهار الخروقات في الموازنة”.
وكان عضو اللجنة المالية النيابية، عدي عواد، أكد يوم الخميس الماضي، أسباب تأخير إرسال الموازنة العامة الاتحادية إلى مجلس النواب لإقرارها لغاية الآن، حيث بين أن من بينها الوضع السياسي، وقرب إجراء الانتخابات، وعدم وجود إرادة سياسية على إقرار جداول قانون الموازنة، ساهم في تأخيرها، متوقعا أن “لا تكون هناك موازنة لعام 2025 بسبب عدم وجود إرادة حقيقية لدى الحكومة لإرسالها إلى البرلمان”.

