حجم الخط + -
2 دقائق للقراءة

أكد رئيس محكمة جنايات مكافحة الفساد المركزية القاضي خالد صدام، ‏اليوم الثلاثاء، أن العقوبات الحالية أصبحت غير كافية لردع الجرائم ‏المالية، مشدداً على ان حماية المال العام لا تتحقق إلا عبر مقارعة الفساد ‏بمختلف أشكاله.‏

وقال القاضي خالد صدام في تصريحات لصحفية القضاء وتابعتها “كور”، ‏إن “المال العام يمثل الركيزة الاقتصادية للدولة وملكية الشعب، وأي ‏اعتداء عليه ينعكس سلباً على المصلحة العامة”، مشيراً إلى أن ‏‏“التشريعات العراقية والدولية أولت هذا المال أهمية خاصة من خلال ‏ضمانات دستورية ومدنية وجنائية”.‏

وأضاف، أن “المقصود بالأموال العامة في نطاق القانون الجنائي يختلف ‏عن معناها في القانون المدني، إذ يمنح المشرّع الجنائي صفة المال العام ‏لطائفة من الأموال التي يرى أنها ترتبط بالمنفعة العامة وتستحق حماية ‏استثنائية”.‏

وبيّن أن “هذه الحماية تتجسد بثلاثة مستويات: الحماية الدستورية التي ‏أوجبت على المواطنين صون المال العام، والحماية المدنية التي نص ‏عليها القانون المدني رقم 40 لسنة 1951 بعدم جواز التصرف بالمال ‏العام أو الحجز عليه أو تملكه بالتقادم، وأخيراً الحماية الجنائية التي تجرم ‏أي فعل اعتداء يقع على هذا المال”.‏

وأوضح القاضي صدام ،أن “قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 ‏المعدل تضمن نصوصاً تعاقب على الأفعال التي تمس المرافق العامة، ‏كجرائم تخريب النفط والكهرباء والماء (المادة 353)، والاعتداء على ‏سلامة النقل والمواصلات العامة (المادة 354)، وتخريب الطرق ‏والمطارات والجسور والسكك الحديد (المادتان 355 و356)، إلى جانب ‏جرائم السرقة الواقعة على المال العام (المادة 444/11)”.‏

وتابع أن “الاعتداء الواقع من قبل الموظف أو المكلف بخدمة عامة على ‏المال العام يُعد من أخطر صور الفساد وأكثرها مساساً بكيان الدولة، لذلك ‏صنّفها المشرّع ضمن جرائم الفساد في قانون هيئة النزاهة والكسب غير ‏المشروع رقم 30 لسنة 2011 المعدل”.‏

وأشار إلى أنه “من خلال تجربته في رئاسة محكمة جنايات مكافحة الفساد ‏المركزية، لمس بوضوح حجم الجرائم المالية المعروضة أمام القضاء، ‏سواء من حيث نوعها أو شخوص مرتكبيها أو الضرر الناجم عنها، مؤكداً ‏أن العقوبات الحالية أصبحت غير كافية لردع هذا النوع من الجرائم”. ‏
وأكد القاضي صدام “ضرورة تعديل العقوبات الواردة في المواد (315 ‏و316 و318 و340 و341) من قانون العقوبات لتتلاءم مع واقع الفساد ‏المالي المعاصر، فضلاً عن إصدار قرار تشريعي يمنع إطلاق سراح ‏المتهمين بكفالة في جرائم الاختلاس وسرقة المال العام لحين حسم ‏الدعوى، ضماناً لاستعادة الأموال المسروقة وتسريع إجراءات المحاكمة”.‏

وأشار إلى أن “حماية المال العام لا تتحقق إلا عبر مقارعة الفساد ‏بمختلف أشكاله، وهذا يتطلب أجهزة رقابية مستقلة وكفوءة مثل هيئة ‏النزاهة وديوان الرقابة المالية، مع بقاء القضاء العراقي الركن الأساس في ‏عملية مكافحة الفساد وحماية المال العام”.‏

وأضاف، أن “من أبرز القضايا التي نظرتها المحكمة قضية سرقة ‏الأمانات الضريبية التي بلغت أكثر من ثلاثة تريليونات دينار عراقي، ‏إضافة إلى قضايا تتعلق بإحداث ضرر عمد بأموال الدولة في مشاريع ‏تأهيل وترميم، وأخرى باستغلال الوظيفة للاستيلاء على مبالغ كبيرة ‏بطرق احتيالية”.‏

وشدد القاضي صدام على “أهمية الإعلام المهني في كشف قضايا الفساد ‏المتعلقة بالمال العام وضرورة تمكينه من الوصول إلى المعلومات لتعزيز ‏دوره الرقابي”، داعياً إلى “تشديد العقوبات على الجرائم الماسة بالمال ‏العام، وإصدار تشريع خاص بمكافحة الفساد على غرار قانون مكافحة ‏الإرهاب، وتهيئة محققين وتحريين نزيهين ومدربين لمواجهة التحديات ‏المعقدة في هذا المجال”.‏
وختم بالقول إن “على موظفي الدولة الإبلاغ عن جرائم الفساد التي ‏يطلعون عليها أثناء أداء واجباتهم، مع تفعيل قانون مكافأة المخبرين رقم ‏‏33 لسنة 2008، بما يشجع على الإخبار عن حالات الاختلاس وهدر ‏المال العام ويسهم في استعادة الأصول المنهوبة”.‏